مرحلة (العزوبية) والحنين إليها تراود الكثير من الأزواج بين الحين والآخر، وتعد محطة مهمة في حياة الزوج والزوجة. وبعض الازواج والزوجات، منهم من يتمنى أن يسرق ساعات لعيش تلك اللحظات واسترجاعها، ومنهم من لم يهتم ولم يحن إلى تلك الأيام.
الحنين وارد
الباحث والناقد الصحفي صالح الورثان يرى أنّ الحنين وارد لأي مرحلة عمرية يعيشها الإنسان، وبالذات مرحلة الشباب وما قبل الزواج، وتأتي فترات زمنية يشعر فيها الأزواج بالانجذاب الساحر إلى أيام الشباب والصبا، يقول الشاعر:
ألا ليت الشباب يعود يوماً.. فأخبره بما فعل المشيب
وعن تجربة يقول الورثان: «ما قبل الزواج ثمة شعور بالحرية في التماهي مع معطيات الحياة بحلوها ومرها، كما ترتكز المشاعر وقتها على طيف من الحماس وحب المغامرة والتحدي، ولاشك أنّ لهذا الخليط من المشاعر لدى الشخص تأثيراً بالغاً على فهمه للأمور والتحديات من حوله! وربما أنّ عدم الارتباط بمسؤوليات اجتماعية جسام يجعله أكثر تحركاً في كل الاتجاهات مع مراعاة القيم التي نشأ وتربى عليها، وهنا يجب ألا ننسى اختلاف المجتمعات في الاهتمامات والتطلعات وسير الحياة اليومية للإنسان في مرحلة شبابية تعد أكثر حيوية وتجليّاً.
من حق الطرفين الحنين.. ولكن!
الكاتب أحمد الهليل يرى أنّ الحنين بريد الماضي، وسعاة بريده تقاعدوا، وربما ماتوا فمن العبث تقليب دفاتر العزوبية خاصة بعد أن فتحت حياة الزوج صفحة جديدة لا ينبغي طيّها، ويقول: «قد يطرأ علينا ذلك الحنين، وهذا أمر مشروع لي كزوج ولن تحاسبني عليه زوجتي، ومن باب العدل والمساواة أن تعاملها بالمثل لتدعها تتسلى بحكايات ماضيها وأيام العزوبية في حضن أحلامها، وكنف الدلال فقد تكون منك أحوج، والأزواج المتحسرون على العزوبية هم من كرّسوا للمقولة الشعبية «ياشين العجلة» يعبرون بذلك عن استعجالهم إلى أبواب الحياة الزوجية، كل تلك الحسرة لا يمكن أن تحدث أو يحدثوا أنفسهم فيها لو اقتنعوا بسنة القدر، الحياة من وجهة نظري بعد الزواج (مجلة) فاجعلوا من زوجاتكم (نجمات غلافها)، ولا فائدة من الحنين إلى تلك الأيام».
لا أستطيع أن أخفى حنيني
الإعلامية هالة حكيم لا تخفى حنينها إلى أيام العزوبية، وتقول:«خصوصاً أني تزوجت في سن صغيرة (16 سنة)، وتحملت مسؤولية أطفال وأنا في الثامنة عشرة، بالتالي لم أعش فترات تعدّ ذهبية للأغلبية، ومن خلال تجربتي أوجه نصيحة للبنات قبل الزواج للتفكير جيداً؛ لأنه نقطة تحول فعلية في حياة الفرد أيّاً كان نوعه، ويمكن ألا يحقق ذاته من خلاله لذلك يجب التمعن فيه جيداً، وأنا شخصيّاً لو عاد بي الزمان وخيرت من جديد لاخترت الزواج بتلك السن الصغيرة».
مرحلة الحنين موجودة
الإعلامية إيمان رجب ترى أنّ مرحلة الزواج استقرار، ولكن الحنين إلى أيام العزوبية لابد منه، وتقول: «أحن إلى غرفتي، وإلى أسرتي وجلوسي معهم، وصديقاتي وأسرار البنات، وممارسة هواياتي دون أن يكون لديّ مسؤوليات كثيرة. كذلك أحن للعيش في الزمن الجميل الذي كان يختلف عما عليه الآن من تقارب القلوب، والمودة، والألفة بين الناس، وإذا ما تعمقت أكثر فإنني أحن لوالدي _رحمه الله_ الذي كان يحرص على تجمع أخواتي وإخوتي مع والدتي، وكنا نستمتع بصحبته حيثما ذهبنا سواء في السعودية، أو خارجها».
كثرة المسؤوليات
وتعترف حصة عبدالله، معلمة في إحدى مدارس التعليم الخاص، بأنها تحن إلى أيام العزوبية، وتقول: «دائماً أحن لأيام ما قبل الزواج وأشتاق إلى عناقها بقوة، ينتابني شعور الحنين إلى الإفطار مع والدي وإخوتي كل صباح كما كنت بالماضي، وإلى غرفتي وذكرياتي ووسادتي التي شهدت دموعي عند غضبي، وأشياء كثيرة، وربما لكثرة المسؤوليات التي تواجه المرأة هي أهم أسباب الحنين».
الرأي النفسي
وتقول الأخصائية النفسية سلوى العوين من عيادات سلوى للاستشارات: «لا نستطيع أن نلوم أي زوج أو زوجة على الحنين إلى أيام العزوبية، فمنهم من يحن ويحاول أن يعيد تلك الأيام حتى لو ليوم واحد في حياته. بالطبع هنالك أسباب، فشخصية كل زوج وزوجة تختلف، فهنالك من يشعر باندماج مع التغيرات الجديدة، وهنالك من لا يستطيع، فمرحلة العزوبية تتميز بعدم المسؤولية أو بالأصح عدم المسؤولية الكاملة عن جميع الأمور. أما الحياة الزوجية فتختلف تماماً، كلها مسؤوليات لذلك يحن البعض إلى تلك الأيام، وهنالك أزواج يفقدون الاستقرار فيندمون ولا يستطيعون أن يتراجعوا عن الارتباط، فيهربون بذاكرتهم إلى الحنين إلى الماضي وبالتحديد إلى أجمل أيامه من وجهة نظرهم، وهي أيام العزوبية».
إرسال تعليق